اسنـد ظهرة بتلك الصخرة الكبيرة .. و لا يزال العرق يتصبب من جبينه
و بعض خصل شعره الناعمة تتدلى على وجهه لتفقده بعض ملامحة الملائكية .. رفع عينية للسماء ليرى أنها بدأت بالبكـاء .. !
أغمض عينية و تنهد بعمق و اختلطت دفء أنفاسه
مع قطرات المطر الباردة .. سامحاً لها أن تضرب بشدة على جسده المرهق .
و بينما هو على هذا الحال .. إذا بفتاة جميلة كالخيال
تقترب منه بحذر شديد حتى لا يشعر بوجودها
ارتسمت على شفتيه ابتسامة داعبتها قطرات المطر بهدوء
و قال : انتظرتك طويلاً !
سكنت اقدامها في مكانها و لم تقترب منه أكثر
و أكمل قالاً : حتى المطر لا يستطيع أن يخفي رائحة عطرك عني : )
نهض لاستقبالها و كل ما فيه متلهف لرؤيتها فلقـد كان غياباً طويلاً
بدأ في تأملها فلقـد كانت منشوقة القوام و شعرها الأسود الكثيف
يغطي مفاتن جسمها .. و عينيها البراقتين تغتال قلبه
و تصيبه بذهول أكثر .. ساد المكان صمت و ذهول
و المطر لا يزال يواصل عزفه المعتادة بلا صمت
و بدأت قطرات المطر تتسارع وتشتد شيئاً فشيئاً .. و هو غارق في تفاصيلها
و هي لا تحرك إصبع .. ايقظ المطر دهشته بها و اعاده البرد إلى رشدة
قال لها بصوت خافت تتسابق زخات المطر لتقطعه :
هل ستقفين طويلاً لنذهب لمكان ادفئ !
رفعت عينيها إليه بهدوء و لا يزال السكون يسيطر عليها
رآها بهذا الهدوء فقرر أن يقترب منها بدلاً من أن تقترب هي
اقترب منها أكثر فلم يفصله عنها سوى خطوة و نصف
عندها بدأت شفتاها الجميلتـان بالتحرك ببطء ناطقة ببعض الأحرف
و قبل أن تكتمل وضع يده المبللة على فمها و قال لها :
لا داعي بأن أعرف شيئاً الآن هيا لمكان اكثر دفئاً .
علقت عينها بعينيه طويلاً .. و تلعثمت جميع مشاعرها فلم تعرف ماذا تفعل ..
أبعد يده عن فمها و قربها إليه أكثر و أحتضنها بقوة و حرارة اشواقه تدفء برد المطر ..
و قال بإشتياق : لستِ وهم أشعر بك
لستِ وهم كنتُ دائماً أستسقي المطر لتأتي و ها أنتِ هنا أنا لا أحلم
آآآهـ ما زلتي تغتسلين تحت المطر لم تتغيري !
رفعت يدها إليه لتعانقه و تشتبك ارواحهم معاً قائله :
و أنت لا تزال تنتظرني تحت المطر ستصاب بالحمى!
ابتسم و ضمها بقوة اكثر لأحضانه و قال لها بصوت هادئ :
هنيئاً لي بحمى في احضانك .